صوت الاشاعرة أهل السنة والجماعة ( الأشاعرة )
https://www.youtube.com/user/sawtoalashaerah?feature=mhee

تم بحمد الله انشاء قناة صوت الاشاعرة على اليوتيوب وانتظروا الردود العلمية على شبه الوهابية
صوت الاشاعرة أهل السنة والجماعة ( الأشاعرة )
https://www.youtube.com/user/sawtoalashaerah?feature=mhee

تم بحمد الله انشاء قناة صوت الاشاعرة على اليوتيوب وانتظروا الردود العلمية على شبه الوهابية
صوت الاشاعرة أهل السنة والجماعة ( الأشاعرة )
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


قال سيدنا علي رضي الله عنه - كان الله ولا مكان وهو الان على ما عليه كان - رواه ابو منصور البغدادي
 
الرئيسيةالبوابةالتسجيلأحدث الصوردخول
تم بحمد الله انشاء قناة صوت الاشاعرة على اليوتيوب وانتظروا الردود العلمية على شبه الوهابية
صوت الاشاعرة على الفيس بوك تابعونا
https://www.facebook.com/home.php?sk=group_152323721494241&ap=1

 

 مذهب سيد قطب في الإطلاق البدعى للامامه"السلطة" والتكفير: قرا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صبرى محمد خليل خيرى
عضو



عدد المساهمات : 28
تاريخ التسجيل : 15/03/2015

مذهب سيد قطب في الإطلاق البدعى للامامه"السلطة" والتكفير: قرا Empty
مُساهمةموضوع: مذهب سيد قطب في الإطلاق البدعى للامامه"السلطة" والتكفير: قرا   مذهب سيد قطب في الإطلاق البدعى للامامه"السلطة" والتكفير: قرا I_icon_minitimeالأحد أبريل 17, 2016 5:21 am

مذهب سيد قطب في الإطلاق البدعى للامامه"السلطة" والتكفير: قراءه نقدية إسلاميه
د.صبري محمد خليل / أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه بجامعه الخرطوم
سيرته الذاتية:هو سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي ، ولد في قرية "موشة" ، إحدى قرى محافظة أسيوط بمصر بتاريخ 9/10/ 1906، تلقّى تعليمه الابتدائي في قريته، سافر عام 1920 إلى القاهرة، والتحق بمدرسة المعلمين الأوّلية، ونال منها شهادة الكفاءة للتعليم الأوّلي، ثم التحق بتجهيزية دار العلوم ، في عام 1932 حصل على شهادة البكالوريوس في الآداب من كلية دار العلوم، كما ابتعت إلى الولايات المتحدة الامريكيه عام 1949، عمل مدرسا حوالي ست سنوات، كما شغل عدة وظائف في وزارة المعارف، انضم أولا إلى حزب الوفد " الليبرالي /العلماني" واستقال منه لاحقا لينضم لجماعه الأخوان المسلمين، وعند قيام ثوره 23 يوليو 1952 ، بقياده الزعيم جمال عبد الناصر ، أيدتها جماعه الأخوان المسلمين في البداية ، وخلال فتره العلاقة الودية بين الثورة والجماعة تولى سيد قطب وظيفة رئيس هيئه التحرير" أهم منصب مدني في الحكومة المصرية في تلك الفترة "، لكنه استقال منه عام 1953 بعد أن ساءت العلاقة بين الطرفين وانتهت إلى قطيعه كاملة بسبب الخلاف حول بعض القضايا السياسية، كرفض الجماعة لاتفاقيه الجلاء رغم انه يترتب عليها خروج الانجليز من مصر، بحجه ان فيها بندا يبح لبريطانيا العودة إلى مصر، وبسبب محاوله الجماعة فرض وصايتها على مجلس قياده الثورة وقراراته . وعقب قيام الجماعة بمحاوله لاغتيال الزعيم جمال عبد الناصر فى حادثه المنشية عام 1954 اعتقل سيد قطب مع مجموعة من قاده الجماعة ، وحكم عليه بالسجن لمدة (15) سنة، ولكن تم الإفراج عنه عام 1964 مراعاة لحالته الصحية ، ولكن اعتقل مره أخرى عام 1965 لانشاءه تنظيم سرى مسلح - من أنصاره داخل جماعة الأخوان المسلمين - حاول قلب نظام الحكم، وتنفيذ اغتيالات سياسيه وعمليات إرهابيه ، وقد اعترف سيد قطب بكل ذلك حيث يقرر في كتابه (لماذا أعدموني) انه أنشا تنظيم سرى مسلح، وانه أباح لأعضائه استخدام القوه- في حاله الاعتداء على هذا التنظيم- حيث يقول(كنّا قد اتفقنا على استبعاد استخدام القوة كوسيلة لتغيير نظام الحكم، أو إقامة النظام الإسلامي، وفي الوقت نفسه قررنا استخدامها في حالة الاعتداء على هذا التنظيم. )(ص49) )، كما يقرر انه هذا التنظيم نجح في صنع متفجرات حيث يقول( نظراً لصعوبة الحصول على ما يلزم منه حتى للتدريب، فقد أخذوا في محاولات لصنع بعض المتفجرات محلياً، وأنَّ التجارب نجحت وصنعت بعض القنابل فعلاً، ولكنها في حاجة إلى التحسين، والتجارب مستمرة)(ص50) ،كما قرر أن هذا التنظيم كان يهدف إلى تنفيذ اغتيالات سياسيه وتفجيرات،حيث يقول ( وهذه الأعمال هي الرد فور وقوع اعتقالات لأعضاء التنظيم بإزالة رؤوس في مقدمتها رئيس الجمهورية ورئيس الوزارة ومدير مكتب المشير ومدير المخابرات ومدير البوليس الحربي ، ثم نسف لبعض المنشآت التي تشلّ حركة مواصلات القاهرة لضمان عدم تتبع بقية الإخوان فيها وفي خارجها كمحطة الكهرباء والكباري)( ص55) ، وتم إعدام سيد قطب في 29 / 8 / 1966 .
مراحله الفكرية: وقد مر فكر سيد قطب بمراحل فكريه مختلفة:
أولا: المرحلة الليبرالية(العلمانية): ويغلب عليها الطابع الادبى ، ومن مؤلفاته في هذه المرحلة :طفل من القرية (سيرة ذاتية)، أشواك (رواية)، المدينة المسحورة (قصة أسطورية)، النقد الأدبي: أصوله ومناهجه،كتب وشخصيات، مهمة الشاعر في الحياة ، وفى هذه الفترة جرب سيد قطب الإلحاد، ينقل موقع إسلام ويب عنه قوله (ظللت ملحداً أحد عشر عاماً حتى عثرت على الطريق إلى الله، وعرفت طمأنينة الإيمان)( توبة المفكر سيد قطب رحمه الله- إسلام ويب)، كما انه هاجم خلال هذه الفترة الذين يرفضون العرى على الشواطئ تقليدا للغربيين، ويدعون إلى الاحتشام باطاله لباس البحر ، حيث نشر سيد قطب مقالاً في الأهرام بتاريخ10 يوليو 1938 م بعنوان (الشواطئ الميتة)، قال فيه ( فالذين يدعون إلى إطالة لباس البحر وإلى ستر الأجسام بالبرانس إنما يدعون في الواقع إلى إثارة الفتنة النائمة وإيقاظ الشهوات الهادئة، وهم يحسبون أنهم مصلحون )، تصدَّى للرد على هذا المقال عدد من أعضاء جماعه الاخوان المسلمين ، و نشر منها في مجلة (النذير)- لسان حال جماعه الإخوان المسلمين- عدد 8 بتاريخ 18/7/1938 م - ردٌّ بعنوان (النفوس الميتة) بقلم محمد حسين أبو سالم (ويكبيديا الاخوان المسلمين).
ثانيا: المرحلة الاسلاميه: وتنقسم إلى مرحلتين أيضا :
المرحلة الأولى(الاعتدال): ويغلب عليها الطابع الاجتماعي، وتتسم بالاعتدال، ومن مؤلفاته هذه المرحلة :العدالة الاجتماعية، الإسلام والسلام العالمي ،معركة الإسلام والرأسمالية .
المرحلة الثانية(التشدد والتكفير):ويغلب عليها الطابع السياسي والحركي، وتتسم بالتشدد والغلو وفيها حكم بكفر كل المجتمعات المسلمة المعاصرة . ومن أهم مؤلفاته في هذه المرحلة كتاب ( معالم في الطريق). وهى المرحلة موضوع هذه الدراسة
من الاعتدال إلى التشدد: وقد اختلفت الآراء في بيان سبب تشدد سيد قطب في هذه المرحلة، من هذه الآراء الراى الذي يتبناه أنصار سيد قطب الذي يقول أن تشدده هو رد فعل على التعذيب الذي تعرض له، لكن هذا الراى هو مرفوض كتبرير، لان التشدد وغيره من أنماط التفكير والسلوك السلبية هي مرفوضة بصرف النظر عن سببها، فالإقرار به كتبرير يعنى الإقرار لكل من تعرض للقمع بالتشدد ،وقد تعرض ائمه أهل السنة كأحمد بن حنبل ومالك... للقمع والتعذيب ليتراجعوا عن آراءهم دون أن يتشددوا،أما الأخذ بهذا الراى كتفسير فيتصف بالقصور من جهة ان التطرف هو محصله عوامل ذاتيه وتربويه وسياسيه واقتصاديه واجتماعيه... متفاعلة وليس نتيجة لسبب واحد ، وإيه هذا ان هناك العديد من رفاق سيد قطب تعرضوا للمضايقة او التعذيب دون ان يتشددوا، وهنا نشير إلى الهضيبى الذي لم يحول تعرضه للسجن، دون ان يصدر كتاب "دعاه لا قضاه " يرد فيه مظاهر التشدد التي طرأت فى المرحلة الاخيره من مراحل تطور سيد قطب الفكري ، كما يجب الاشاره إلى أن هناك العديد من الباحثين الذين يرون ان صله سيد قطب السابقة بحكومة الثورة ومكانته الفكرية ومرضه رغم أنها لم تحل دون سجنه وإعدامه فى نهاية الأمر، إلا انه حال دون تعرضه للمضايقة او التعذيب او على الأقل بمقدار ما تعرض له آخرون ، يقول ثروت الخرباوي العضو السابق في جماعه الاخوان المسلمين(…وفي غضون عام 1954 تم اعتقال سيد قطب بسبب صلته التي كانت قد توثقت مع جماعة لسيد قطب.. والغريب أنه رغم أن لوائح السجون كانت تمنع السجين من الكتابة ولا تسمح له بامتلاك أدواتها.. إلا أن حكومة الثورة كانت قد أعطت حرية واسعة داخل المعتقل الثورة فسمحت له باستكمال كتابة تفسير الظلال وقامت بإمداده بالكتب والمراجع !!. والأغرب من ذلك أن الرئيس جمال عبد الناصر أصدر قرارا بتعيين الشيخ محمد الغزالي.. وكان من كبار موظفي وزارة الأوقاف آنذاك لتيسير أحوال سيد قطب فيما يتعلق بالكتابة داخل السجن.. وإمداده بما يشاء من الكتب.. ومراجعة أصول ما يكتبه مع الناشر قبل أن تأخذ طريقها للنشر)( في ظلال القرآن: رؤية تحليلية لسيد قطب/ موقع الجماعة الاسلاميه بمصر). كما ينفى ضياء رشوان الباحث المتخصص في شئون الحركات الإسلامية تماما الروايات التي تقول: إن التعذيب الذي تعرض له قطب في السجن كان أحد الأسباب القوية في التحول إلي الفكر المتشدد، ويقول إنه لا توجد أي أدلة تثبت أن قطب تعرض للتعذيب في السجن، كما لم يقل أحد إنه شاهده يتعذب أو سمع عن تعذيبه، وبالتالي فإن رشوان يرفض تماما مقولة إن التعذيب الذي تعرض له قطب كان السبب في تحوله تجاه الفكر المتشدد، ويري رشوان أن سر تحول قطب للفكر المتشدد هو أنه أصيب بالصدمة من ضباط ثورة يوليو حيث كان من أشد المتحمسين لها، خاصة أن طبيعة شخصيته تتميز بالثورية وكان دائما يحرض ضباط يوليو ضد أعداء الثورة إلي أن وقع الصدام بين الإخوان وضباط يوليو عام 1954) (الدستور). كما يرى بعض الباحثين ان اتجاه سيد قطب للتشدد وتكفير المجتمعات المسلمة سابق على اعتقاله. وفى كل الأحوال فإننا نفسر تشدد سيد قطب فى المرحلة الاخيره من مراحل تطوره الفكري ، بمحاولته حسم الصراع السياسي مع مجلس قياده الثورة، على المستويين الفكري الديني والعملي السياسي ، متأثرا في ذلك بأفكار أبو الأعلى المودودي، التي نشأت فى بيئة مغايره (اغلبيه هندوسيه وثنيه تضطهد اقليه مسلمه في الهند ،مما أدى بالمسلمين إلى ألمطالبه باقامه دوله "إسلاميه" اى دوله خاصة بالمسلمين" باكستان").
أولا: الإطلاق البدعى للاماه "السلطة"(رياده مذهب التفسير السياسي للدين"الإسلام السياسي"): يقوم مذهب سيد قطب على الإطلاق البدعى للامامه "بمعنى السلطة " من خلال : أولا: تحويل الامامه "بمعنى السلطة " من فرع من فروع الدين "كما في مذهب أهل السنة "، إلى أصل من أصوله "كما عند ألشيعه"، ثانيا : عدم الالتزام بالضوابط الشرعية لمفهوم الامامه ،وهو هنا يخالف مذهب أهل السنة القائم على الضبط الشرعي لمفهوم الامامه،ومن خلال الالتزام بالضوابط الشرعية للامامه" التي عبروا عن جملتها بمصطلح السياسة الشرعيه "، ويتمثل هذا الإطلاق البدعة للامامه عند سيد قطب في كونه في مرحلته الفكرية الاخيره ، من رواد مذهب التفسير السياسي للدين، وهو الأمر الذي يتضح في مؤلفاته التي وضعها في هذه المرحلة، وأهمها كتاب" في ظلال القران" في صيغته الاخيره ، وكتاب "معالم في الطريق" .
ا/ تعريف مذهب التفسير السياسي للدين"مصطلح الإسلام السياسي": والتفسير السياسي للدين هو مذهب معين في تفسير طبيعة العلاقة بين الدين والسياسة، يقوم على إثبات العلاقة بين الدين والسياسة ، ولكنه يتطرف في هذا الإثبات إلى درجه جعل العلاقة بينهما علاقة تطابق و خلط ، وليست علاقة ارتباط و وحده ، وبالتالي يساوى بين الدين والسياسة في الدرجة، وقد يتطرف فيجعل السياسة أعلى درجه من الدين، حين يجعل الغاية هي الدولة – السلطة والوسيلة هي الدين، بينما الدين هو الأصل والسياسة هي الفرع ،اى أن الدين بالنسبة للسياسة هو بمثابة الكل للجزء يحده فيكمله ولكن لا يلغيه، ومرجع هذا التطرف في الإثبات أن هذا المذهب إنما ظهر في المجتمعات المسلمة في العصور الحديثة والمعاصرة كرد فعل على الليبرالية والتي باستنادها إلى العلمانية نفت اى علاقة للدين بالسياسة.وقد استخدم البعض مصطلح الإسلام السياسي للتعبير عن هذا المذهب، لكن - وكما أشار الكثير من الباحثين - هناك الكثير من الإشكاليات المتعلقة بالمصطلح ، فالمصطلح يوحى بأنه ليس ثمة إسلام واحد ، وانه ثمة إسلام سياسي وآخر غير سياسي ، فضلا عن نسبه الأصل(الإسلام) إلى الفرع(السياسة)، لذا نفضل استخدام مصطلح "التفسير السياسي للدين" وليس مصطلح" الإسلام السياسي"، مع ملاحظه أن المصطلح الأخير يصدق في وصف احد الأخطاء التي وقع فيها مذهب التفسير السياسي للدين ، وهو نسبه الأصل (الإسلام)إلى الفرع(السياسة) وليس العكس.
ب/بدعية مذهب التفسير السياسي للدين :هذا المذهب هو بدعه في ذاته" اى يستند إلى مفاهيم بدعية، " وفيما يلزم منه " اى يلزم منه – منطقيا - مفاهيم بدعية ".
1/ المفاهيم التي يستند إليها المذهب وبدعيتها:حيث يستند مذهب التفسير السياسي للدين إلى العديد من المفاهيم البدعيه، واهم هذه المفاهيم هو القول بان الامامه أصل من أصول الدين :
الامامه" السلطة" أصل من أصول الدين وليست فرع من فروعه: حيث أن هذا المذهب يقوم على الإطلاق البدعى لمفهوم الامامه " بمعنى السلطة" ، من خلال تحويلها من فرع من فروع الدين إلى أصل من أصوله، وهو ما يخالف مذهب أهل السنة في الامامه ، والقائم على أن الامامه " بمعنى السلطة" هي فرع من فروع الدين وليست أصل من أصوله يقول الآمدي ( واعلم أنّ الكلام في الإمامة ليس من أُصول الديانات ، ولا من الأُمور اللابدِّيَّات ... ) (غاية المرام في علم الكلام : ص 363) . ويقول الإيجي ( وهي عندنا من الفروع  ، وإنّما ذكرناها في علم الكلام تأسيّاً بمن قبلنا ) (المواقف : ص 395) . ويقول الإمام الغزالي ( اعلم أنّ النظر في الإمامة أيضاً ليس من المهمات ، وليس أيضاً من فنّ المعقولات ، بل من الفقهيات ... ) (الاقتصاد في الاعتقاد : ص 234) . ويقول التفتازاني ( لا نزاع في أنّ مباحث الإمامة ، بعلم الفروع أَليق .... ) (شرح المقاصد : ج 2، ص 271). وهذا الإطلاق البدعى لمفهوم الامامه بمعنى " السلطة" ، من خلال تحويل الامامه " بمعنى السلطة " من فرع من فروع الدين إلى أصل من أصوله ، نجد جذوره في مذهب الشيعة.
2/ المفاهيم التي تلزم من المذهب وبدعيتها : ويلزم من مذهب التفسير السياسي للدين العديد من المفاهيم البدعيه ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
تكفير المخالف:يلزم من مذهب التفسير السياسي للدين تكفير المخالف في المذهب ، ومن أشكاله التكفير على أساس سياسي ، وهو يخالف مذهب أهل السنة، القائم على اباحه الخلاف في فروع الدين دون أصوله، وبالتالي عدم جواز تكفير المخالف في المذهب، يقول ابن مفلح ( لا إنكار على من اجتهد فيما يسوغ منه خلاف في الفروع)(الآداب الشرعية 1/186)، وبناء على هذا فان مذهب اهل السنه يبيح الخلاف السياسي ، باعتبار أن السياسة (الامامه) من فروع الدين وليست من أصوله، وترجع جذور مذهب تكفير المخالف في المذهب الى الخوارج .
اباحه الاختلاف " التعدد "على مستوى أصول الدين:كما يلزم من مذهب التفسير السياسي للدين اباحه الاختلاف " التعدد "على مستوى أصول الدين، وهو ما يتناقض مع ما قررته النصوص ، من النهى عن الاختلاف ،على مستوى أصول الدين ،التى مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة : يقول تعالى( وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ~ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) ( آل عمران: الآية (104)....و قد ربط علماء أهل السنة بين الاختلاف على مستوى أصول الدين و البدعة، يقول ابن تيمية ( والبدعة مقرونة بالفرقة , كما أن السنة مقرونة بالجماعة , فيقال : أهل السنة والجماعة , كما يقال : أهل البدعة والفرقة (الإستقامة1/42).
ج/الفتن التي تلزم من مذهب التفسير السياسي للدين: ومذهب التفسير السياسي للدين باعتبار بدعيته يلزم منه العديد من الفتن ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
1/فتنه التفرق فى الدين:كما سبق ذكره فانه يلزم من مذهب التفسير السياسي للدين اباحه الاختلاف " التعدد "على مستوى أصول الدين، وهو هنا يلزم منه فتنه التفرق فى الدين، التي أشار اليها الإمام ابن تيمية فى قوله (وإذا كان الكفر والفسوق والعصيان سبب الشر والعدوان، فقد يذنب الرجل أو الطائفة ويسكت آخرون عن الأمر والنهي، فيكون ذلك من ذنوبهم، وينكر عليهم آخرون إنكارا منهيا عنه فيكون ذلك من ذنوبهم، فيحصل التفرق والاختلاف والشر، وهذا من أعظم الفتن والشرور قديما وحديثا).
2/الفتنه في الدين وبيع الدين بعرض الدنيا:وكما سبق ذكره أيضا فان مذهب التفسير السياسي للدين ، قد يتطرف فيجعل السياسة أعلى درجه من الدين، حين يجعل الغاية هي الدولة – السلطة والوسيلة هي الدين، بينما الدين هو الأصل والسياسة هي الفرع ،وهو هنا يلزم منه فتنه الرجل فى دينه والتي تتضمن بيعه للدين بعرض الدنيا ،والتي أشار إليها الرسول (صلى الله عليه وسلم) في قوله ( بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ، يبيع دينه بعرض من الدنيا ).
3/فتنه الهرج:كما أن هناك صيغه من صيغ مذهب التفسير السياسي للدين ، قائمه- فيما يتصل بمنهج التغيير -على أن أسلوب التغيير هو القوه المسلحة ، مع عدم التزامه بالضوابط الشرعية للقتال ، التي بها يصبح جهادا، وهو ما يلزم منه فتنه الهرج ، والتي مضمونها الإطلاق البدعى للقتال ، بعدم الالتزام بضوابطه الشرعية ، وقد وردت الاشاره إليها في كثير من النصوص ،منها قول الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ( يتقارب الزمان ويقبض العلم وتظهر الفتن ويلقى الشح ويكثر الهرج قالوا: وما الهرج يا رسول الله ؟ قال : القتل )( متفق عليه) ..
مظاهر التفسير السياسي للدين عند سيد قطب:
ظلال القران والانتقال من التفسير الأدبي إلى التفسير السياسي: لسيد قطب منهجان فى التفسير: الاول هو منهج ادبى يركز على الجوانب البلاغية واللغوية فى القران، ويتمثل فى الطبعة الأولى من " ظلال القران" والتي ظهر الجزء الأول منها في أكتوبر من عام 1952م. ثم صدر منها على مدار عامين بعد ذلك ستة عشر جزءً حتى نهاية سورة طه. أما المنهج الثاني فيركز على الجوانب السياسية والحركية فى القران طبقا لتصوره القائم على المفاصلة بين مجتمع الإيمان والمجتمعات الجاهلية. ويتمثل فى الطبعة المنقحة من الظلال والتي صدرت بداية الستينيات وما يليها من أجزاء فى الظلال الثلاثة عشر التي توقفت عند بداية تفسير سورة "الحجر".
التفسير السياسي وإشكاليه رد الأصل إلى الفرع:غير أن أهم إشكاليات التفسير السياسي للقران انه يقوم على رد الأصل إلى الفرع، اى يجعل السياسة الأصل (المطلق) والقرآن الفرع (المحدود)، وذلك بتأويل النص القرآني ليتفق مع مقولات سياسيه معينة. بينما المنهج السليم هو رد الفرع إلى الأصل ، وذلك من خلال ع التمييز بين آيات الأصول ،التي تتضمن الآيات قطعيه الدلالة التي لا تحتمل التأويل،وتتضمن المفاهيم الكلية التي تشكل أسس الفلسفة السياسية الاسلاميه، وآيات الفروع التي تتضمن الآيات ظنية الدلالة، التى تحتمل التأويل،والتي يمكن تفسيرها طبقا لمقولات سياسيه معينه، ،مع تقرير أن هذا التفسير اجتهاد يحتمل الصواب والخطأ ،وطبقا لهذا تصبح هذه المقولات السياسيه جزء من هذا التفسير، لا جزء من النص القرانى ذاته .
تفسير مفهوم ألحاكميه :
التفسير السياسي لمصطلح ألحاكميه : فسر سيد قطب مفهوم ألحاكميه القرانى تفسير "سياسي" يختزله في بعده السياسي ويتجاهل إبعاده الأخرى، ومضمونه أن ألحاكميه هي ما يقابل مصطلح السلطة في الفكر السياسي الحديث والمعاصر، حيث يقول على سبيل المثال( إن وجود هذا الدين هو وجود حاكميه الله . فإذا انتفى هذا الأصل انتفى وجود هذا الدين . . وإن مشكلة هذا الدين في الأرض اليوم ، لهي قيام الطواغيت التي تعتدي على إلوهية الله ، وتغتصب سلطانه ، وتجعل لأنفسها حق التشريع بالإباحة والمنع في الأنفس والأموال والأولاد . . وهي المشكلة التي كان يواجهها القرآن الكريم بهذا الحشد من المؤثرات والمقررات والبيانات ، ويربطها بقضية الإلوهية والعبودية ، ويجعلها مناط الإيمان أو الكفر ، وميزان الجاهلية أو الإسلام )(فى ظلال القران).. وقد تأثر سيد قطب في هذا الاستخدام للمصطلح ببعض مقولات أبو علي المودودي التي يوضح في مقولة الحاكمية لله وحدة مثل قوله (... إن محور نظرية الإسلام والسياسية تتمثل في نزع جميع سلطات الأمر والتشريع من أيدي البشر..لان ذلك أمر مختص بالله وحدة).
تعدد أبعاد مفهوم ألحاكميه: غير أن هذا التفسير يخالف حقيقة أن لمفهوم ألحاكميه القرانى أبعاد"دلالات" متعددة (عقدية، تكوينية، تكليفيه،دنيوية، اخرويه...) ، حيث يقرر القرآن الكريم أن الحاكمية صفة ربوبية ﴿ ... إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ﴾ ( يوسف: 40)، و هذه ألحاكميه الالهيه تشمل الدنيا والاخره، أما في الحياة الدنيا فان لهذه ألحاكميه الالهيه شكلين:الأول هو ألحاكميه ألتكليفيه:ومضمونها وجوب أن تحكم قواعد شريعته حركة الإنسان " فردا وجماعه" ﴿ ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الظالمون﴾ ، والثاني هو الحاكمية التكوينية:ومضمونها أن سننه تعالى تحكم حركة الأشياء والظواهر و الإنسان حتما ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ﴾ ( الأحزاب : 62). أما ألحاكميه الالهيه في الحياة الاخره فمضمونها الفصل بين العباد﴿ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ﴾ ( غافر: 48).
ألحاكميه هي السيادة وليس السلطة: أما البعد السياسي لمفهوم ألحاكميه فمضمونه يقابل أو يقارب مصطلح "السيادة " - وليس مصطلح "السلطة - في الفكر السياسي الحديث والمعاصر المصطلح ، ففي الفكر السياسي الحديث والمعاصر تعرف الدولة أنها التنظيم القانوني للمجتمع، وهنا نجد كيانين.الأول: له حق وضع القانون ابتداء ،وهو ما يعبر عنه بالسيادة، والثاني له حق ضمان نفاذ هذا القانون ولو بالإكراه، هو ما يعبر عنه بالسلطة، فالسيادة علي هذا هي مصدر السلطة او السلطة المطلقة، أما السلطة فهي ممارسة السيادة فى زمان ومكان معينين.ويتضح لنا ان مفهوم الحاكميه هو ما يقبل مصطلح السيادة -وليس السلطة- عند اهل السنة فى قول الإمام الغزالي ( الحاكم هو الشارع، و لا حكم إلا لله تعالى لا حكم غيرة،وأما استحقاق نفوذ الحكم فليس إلا لمن له الخلق والأمر، فإنما النافذ حكم المالك علي مملوكه ولا مالك إلا الخالق فلا حكم ولا أمر إلا له أما النبي " صلى الله عليه وسلم"السلطان والسيد و الأب والزوج فان أمروا أو أوجبوا لم يجب شئ بإيجابهم، بل بإيجاب الله تعالى طاعتهم ، فالواجب طاعة الله تعالى وطاعة من أوجب الله تعالى طاعته ).فالحاكم عند الغزالي هو الذي له حق وضع القانون ابتداء ( الحاكم هو الشارع) ، كما انه مصدر السلطة ( أما النبي "صلى الله عليه وسلم "والسلطان والسيد والأب والزوج فان أمروا أو أوجبوا لم يجب شئ بإيجابهم بل بإيجاب الله تعالى). فتفسير سيد قطب لمصطلح الحاكميه بما يقابل السلطة يخالف إذا مذهب أهل السنة ،و أول من قال به الخوارج الذين رفعوا شعار " لا حكم إلا لله " وكان علي ابن أبي طالب هو أول من تعرض لهذا المذهب بالنقد فقال في معرض حديثه عن شعار الخوارج " لا حكم إلا لله " (.. كلمة حق أريد بها باطل ، نعم انه لا حكم إلا لله ولكن هؤلاء يقولون لا إمرة إلا لله، وانه لابد للناس من أمير بر أو فاجر، يعمل في إمرته المؤمن ويستمتع فيها الكافر ويبلغ الله فيها الأجل ويجمع به الفيء ويقاتل به العدو وتؤمن به السبل ويؤخذ به للضعيف حتى يستريح بر و يسترح من فاجر) ، فعلي بن أبى طالب يقر إسناد الحاكميه لله ( نعم انه لا حكم إلا لله )، ولكنة ينكر فهم هذه الحاكميه بمعني السلطة التي أشار لها بلفظ الإمرة ( ولكن هؤلاء يقولون لا إمرة إلا لله )، ثم يبين ضرورة السلطة لأي مجتمع( وانه لابد للناس من أمير بر أو فاجر)، ثم يبين أن السلطة ممارسه للسيادة خلال الزمان والمكان ومن أشكال هذه الممارسة جمع الفيء ومقاتلة العدو وتأمين السبل ...الخ والله تعالى منزه عن ذلك..اما مصطلح "السلطة" كما في الفكر السياسي الغربى فلم يستخدم في الفكر السياسي الإسلامي، وان اشتق من كلمة سلطان التي وردت في القرآن: ﴿ هلك عني سلطانية﴾ ،والمصطلح المقابل له في الفكر السياسي الإسلامي هو مصطلح ( الأمر) ومنه سمي من اسند إلية السلطة ( الأمير) و(أولي الأمر). ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ... ﴾ ( النساء: 59)و هو المصطلح الذي استخدمه الخلفاء الراشدين والصحابة :فعند وفاة الرسول(ص) تحدث أبو بكر عن السلطة فقال " إن محمد قد مضي لسبيله ولابد لهذا الأمر من قائم يقوم به".وقال عمر بن الخطاب يصف السلطة " إن هذا الأمر لا يصلح إلا بالشدة التي لا جبرية فيها وباللين الذي لا وهن فيه"..
تفسير مفهوم التشريع:كما أن سيد قطب فسر مصطلح "التشريع" بمعنى حق وضع القواعد القانونية إطلاقا،بما فى ذلك حق الدولة في إصدار قواعد قانونيه - وما يترتب على ذلك من نفى هذا الحق عن البشر والدولة إطلاقا كما فى قوله (هذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله في الأرض وعلى أخص خصائص الألوهية... وهي الحاكمية... انها تسند الحاكمية إلى البشر، فتجعل بعضهم لبعض أربابا، لا في الصورة البدائية الساذجة التي عرفتها الجاهلية الأولى، ولكن في صورة ادعاء حق وضع التصورات والقيم، والشرائع والقوانين، والأنظمة والأوضاع، بمعزل عن منهج الله للحياة، وفيما لم يأذن به الله... )(معالم في الطريق ).
تعدد دلالات مصطلح التشريع : غير ان فهم المصطلح على هذا الوجه يقوم على الخلط بين الدلالات المتعددة لمصطلح التشريع ، فالتشريع اصطلاحا فله دلالتين:
الدلالة الأولى: هي حق إصدار القوانين بما هي مجموعه من القواعد العامة المجردة الملزمة التي تضبط سلوك الناس في المجتمع، والسلطة التشريعية هي احد أجهزه الدولة، التي يحق لها إصدار هذه القوانين.والمقصود بمصطلح ( إصدار) تبنى الدولة لقوانين معينه لتصبح ملزمه ، بصرف النظر عن مصدر هذه القوانين وطبيعتها . وفى الفقه الاسلامى نجد العديد من القواعد والمفاهيم القانونية الاسلاميه التي تعبر عن هذه الدلالة لمصطلح التشريع، من هذه القواعد : "للسلطان أن يحدث من الأقضية بقدر ما يحدث من مشكلات" و "أمر الإمام يرفع الخلاف" و "أمر الإمام نافذ " ، فكل هذه القواعد تفيد حق الدولة في تبنى قواعد فقهيه – قانونيه– معينه لتصبح ملزمه للناس .وكذلك مفهوم التعزير في الفقه الجنائي الاسلامى ، وهو العقوبة التي يقررها الحاكم للجرائم التي لا حد فيها ولا كفارة ولا قصاص،فهذا المفهوم يفيد حق الدولة في تبنى عقوبات معينه ، كجزاء على مخالفات معينه للنظام القانوني، لتصبح ملزمه اى من حق الدولة إيقاعها على من يخالف هذا النظام ، رغم أنها لم ترد في الشرع .
الدلالة الثانية: والتشريع طبقا لهذه الدلالة هو حق وضع القواعد - الحدود التي لا يباح تجاوزها، والتي اسماها الفقهاء والأصوليون الأصول ، وهو ما ينفرد به الله تعالى . لذا اسند القران فعل ( شرع) إلى الله تعالى : ﴿ شرع لكم من الدين ما وصينا بة نوح والذي أوحينا إليك ، وقد ميز الفقه الاسلامى بين التشريع على الوجه السابق ذكره ، والاجتهاد وهو سلطة وضع القواعد القانونية التي يباح للناس تجاوزها بإلغائها أو تعديلها،والتي أطلق عليها الفقهاء والأصوليون اسم الفروع،وهذه القواعد محلها الفقه في الإسلام. وقد انتقد الهضيبى هذا التفسير الذي يخلط بين هاتين الدلالتين لمصطلح التشريع في قوله (وقد توهم البعض أن قائل تلك المقولة -ألحاكميه لله – يري استحالة أن يأذن الله تعالي للناس أن يضعوا لأنفسهم بعض التنظيمات أو التشريعات التي تنظم جانبا من شئون حياتهم)(دعاه لا قضاه).
الخروج” التغيير المسلح” : كما اباح سيد قطب استخدام القوه كأسلوب للتغيير كقوله (لا بد من جهد بالحسنى حين يكون الضالون أفراداً ضالين يحتاجون إلى الإرشاد والإنارة، وبالقوة حين تكون القوة الباغية في طريق الناس هي التي تصدهم عن الهدى وتعطل دين الله أن يوجد، وتعوق شريعة الله أن تقوم (فى ظلال القران:2/993.) .
إجماع أهل السنة على تحريم الخروج بالسيف: غير أن هذه الاباحه تتعارض مع قاعدة تحريم الخروج بالسيف، اى التغيير باستخدام القوه المسلحة ، والتي اجمع عليها علماء أهل ألسنه ، يقول الإمام ابن تيمية (وأما أهل العلم والدين والفضل؛ فلا يرخّصون لأحدٍ فيما نهى الله عنه:من معصية ولاة الأمور، وغشهم، والخروج عليهم بوجه من الوجوه، كما قد عُرِف من عادات أهل السنة والدين قديمًا وحديثًا، ومن سيرة غيرهم) (مجموع الفتاوى:35/12)، ويقول الإمام النووي (وأما الخروج عليهم وقتالهم؛ فحرام بإجماع المسلمين – وإن كانوا فسقة ظلمة – وقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته، وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق) (شرح مسلم:12/432-433)، ويقول الإمام الأشعري في (رسالة أهل الثغر)(وأجمعوا على السمع والطاعة لأئمة المسلمين، وعلى أن كل مَنْ ولي شيئًا من أمورهم عن رضي أو غلبة، وامتدت طاعته – مِنْ برٍّ وفاجر – لا يلزم الخروج عليه بالسيف جارَ أو عَدَل، وعلى أن يُغْزا معه العدو، ويُحَجَّ معهم البيت، وتُدْفع إليهم الصدقات إذا طلبوها، ويُصَلَّى خلفهم الجُمَع و الأعياد) (ص 297:ط / مكتبة العلوم والحكم).
التفسير الديني للسياسة: السياسة الاسلاميه” الشرعية”: أما التفسير الديني ” الاسلامى – الشرعي- للسياسة فيجعل الدين هو الأصل – والسياسة هي الفرع، اى أن يكون الدين ” ممثلا في مفاهيمه قيمه وقواعده الكليه ” للسياسة بمثابة الكل للجزء، يحده فيكمله ولكن لا يلغيه . وطبقا لهذا التفسير فان النشاط السياسى يجب ان يلتزم بجمله من الضوابط التي تهدف إلى تحقيق اكبر قدر ممكن من الاتساق- وليس التطابق- بينه وبين مفاهيم وقيم وقواعد الدين الكليه ،ومن هذه الضوابط :
أولا:الامامه من فروع الدين: حيث يقوم هذا التفسير على اعتبار أن الامامه فرع من فروع الدين وليس أصل من أصوله - كما وضحنا سابقا عند الحديث عن مذهب أهل السنة في الامامه - وبالتالي فان النشاط السياسي هو شكل من أشكال الاجتهاد ،ولا يجوز فيه تكفير المخالف.
التمييز بين الدولة والسلطة : أما الأقوال الواردة عن علماء أهل السنة عن وجوب نصب إمام فتتعلق بالدولة وليس بالسلطة ، فمفهوم الدولة اشمل من مفهوم السلطة ، ذلك أن أركان الدولة هي الشعب والأرض والسلطة، فهذه الأقوال تتعلق بالدولة كضرورة اجتماعيه، ويمكن التحقق من صحة ذلك ، من خلال استقراء هذه الأقوال ، ودراسة السياق الذي ورد فيه القول بوجوب نصب الإمام ، فعلى سبيل المثال يقول الإيجي ( نَصْبُ الإمام عندنا واجبٌ علينا سمعاً…وقال : انه تواتر إجماع المسلمين في الصدر الأول بعد وفاة النبي ? على امتناع خلو الوقت عن إمام، حتى قال أبو بكر ” رضى اله عنه ” في خطبته” ألا إن محمداً قد مات، ولا بدَّ لهذا الدين ممن يقوم به ” ، فبادر الكل إلى قبوله، وتركوا له أهم الأشياء، وهو دفن رسول الله ، ولم يزل الناس على ذلك في كل عصر إلى زماننا هذا مِنْ نَصْب إمام متَّبَع في كل عصر…)(المواقف ، ص 395 ). فهذا النص يتحدث عن نصب الأمام في كل زمان ، وليس نصب الإمام في زمان معين، كما تفيد العبارات( تواتر إجماع المسلمين … على امتناع خلو الوقت عن إمام) ، و (لم يزل الناس على ذلك … مِنْ نَصْب إمام متَّبَع في كل عصر…).
نصب الإمام فرض كفاية لا فرض عين: اتساقا مع ما سبق ، من تقرير علماء أهل السنة أن الامامه – بمعنى السلطة – هي فرع من فروع الدين وليست أصل من أصوله ، وأن قولهم بوجوب نصب إمام يتصل بالدولة وضرورتها الاجتماعية، ولا يتعلق بالسلطة، فقد قرر علماء أهل السنة أن الوجوب هنا هو وجوب كفائي لا عيني، اى أن نصب الإمام فرض كفاية لا فرض عين ، يقول الماوردي ( فإذا ثبت وجوبها ففرضها على الكفاية كالجهاد وطلب العلم..) ( الأحكام السلطانية: ص 5) .
ثانيا: السياسة الشرعية ما يحقق مصلحه الجماعة ولو لم يرد في نص (اتساق – وليس تطابق- مع النص) : كما يتسق هذا التفسير مع تقرير علماء أهل السنة أن السياسة الشرعية هي ما كل يحقق مصلحه الجماعة ولو لم يرد فيه نص ، يقول ابْنُ عَقِيلٍ(السِّيَاسَةُ مَا كَانَ فِعْلاً يَكُونُ مَعَهُ النَّاسُ أَقْرَبَ إلَى الصَّلَاحِ، وَأَبْعَدَ عَنْ الْفَسَادِ، وَإِنْ لَمْ يَضَعْهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا نَزَلَ بِهِ وَحْيٌ.) ويقول ابن القيم(إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ أَرْسَلَ رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ، لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ، وَهُوَ الْعَدْلُ الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْأَرْضُ وَالسَّمَوَاتُ فَإِذَا ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ الْعَدْلِ وَأَسْفَرَ وَجْهُهُ بِأَيْ طَرِيقٍ كَانَ، فَثَمَّ شَرْعُ اللهِ وَدِينُهُ، وَاَللهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ، وَأَعْدَلُ أَنْ يَخُصَّ طُرُقَ الْعَدْلِ وَأَمَارَاتِهِ وَأَعْلَامَهُ بِشَيْءٍ، ثُمَّ يَنْفِي مَا هُوَ أَظْهَرُ مِنْهَا وَأَقْوَى دَلَالَةً، وَأَبْيَنُ أَمَارَةً. فَلَا يَجْعَلُهُ مِنْهَا، وَلَا يَحْكُمُ عِنْدَ وُجُودِهَا وَقِيَامِهَا بِمُوجِبِهَا، بَلْ قَدْ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ بِمَا شَرَعَهُ مِنْ الطُّرُقِ، أَنَّ مَقْصُودَهُ إقَامَةُ الْعَدْلِ بَيْنَ عِبَادِهِ، وَقِيَامُ النَّاسِ بِالْقِسْطِ، فَأَيُّ طَرِيقٍ اُسْتُخْرِجَ بِهَا الْعَدْلُ وَالْقِسْطُ فَهِيَ مِنْ الدِّينِ، وَلَيْسَتْ مُخَالِفَةً لَهُ.فَلَا يُقَالُ: إنَّ السِّيَاسَةَ الْعَادِلَةَ مُخَالِفَةٌ لِمَا نَطَقَ بِهِ الشَّرْعُ، بَلْ هِيَ مُوَافِقَةٌ لِمَا جَاءَ بِهِ، بَلْ هِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ، وَنَحْنُ نُسَمِّيهَا سِيَاسَةً تَبَعًا لِمُصْطَلَحِهِمْ، وَإِنَّمَا هِيَ عَدْلُ اللهِ وَرَسُولِهِ، ظَهَرَ بِهَذِهِ الْأَمَارَاتِ وَالْعَلَامَاتِ) (الأحكام السلطانية،أبي يعلى الفراء).
ثانيا:الإطلاق البدعى للتكفير(إحياء مذهب الخوارج في الغلو في التكفير واستحلال الدماء المعصومة): كما يقوم مذهب سيد قطب على الإطلاق البدعى لمفهومي التكفير والقتال ، من خلال عدم الالتزام بضوابطهما الشرعية ، وهو مذهب يفارق مذهب أهل السنة- الذي يمثل الفهم الصحيح للإسلام – لأنه يقوم على الضبط الشرعي لهذين المفهومين ، من خلال الالتزام بضوابطهما الشرعية . ويتمثل هذا الإطلاق البدعى للتكفير والقتال عند سيد قطب في كونه قام في مرحلته الفكرية الاخيره ، بإحياء مذهب الخوارج في الغلو في التكفير واستحلال الدماء المعصومة.
تعريف مذهب الغلو في التكفير واستحلال الدماء المحرمة: هو مذهب يقوم على بدعيتين بينهما علاقة تلازم، البدعة الأولى هي الغلو في التكفير ، ويلزم منها البدعة الثانية وهى استحلال الدماء المحرمة ” كدماء المسلمين وأهل الذمة والمعاهدين وغير المقاتلين من الكفار..”، فهو مذهب يقوم على الإطلاق البدعى لمفهومي التكفير والقتال ، من خلال عدم الالتزام بضوابطهما الشرعية ، وهو مذهب يفارق مذهب أهل السنة- الذي يمثل الفهم الصحيح للإسلام – لأنه يقوم على الضبط الشرعي لهذين المفهومين ، من خلال الالتزام بضوابطهما الشرعية .
إحدى صيغ مذهب التفسير السياسي للدين : و إذا كان مذهب الخوارج البدعى أهم ممثل لمذهب الغلو في التكفير واستحلال الدماء المحرمة في الماضي، فان هناك ارتباط وثيق بين مذهب الغلو في التكفير واستحلال الدماء المحرمة في العصور الحالية، ومذهب التفسير السياسي للدين "الذى عبر عنه البعض خطا بمصطلح الإسلام السياسي" حيث يلقى المذهبين في بدعه جعل العلاقة بين الدين والدولة علاقة خلط وتطابق وليست علاقة ارتباط ووحده من جهه وتمييز من جهه اخرى ، كما ان تكفير المخالف هو من لوازم مذهب التفسير السياسي للدين ، وهذا التكفير قد يكون ضمنيا وخفيا(كما في بعض صيغ المذهب القائمة ،على مفهوم التقية الذي تخالف منهج التغييرعند أهل السنة وترجع جذوره الى المذهب الشيعي ) ، وقد يكون صريحا وعلنيا (كما في مذهب الغلو في التفكير ولاستحلال الدماء المعصومة القائم على مفهوم الخروج الذي يخالف منهج التغيير عند أهل السنة وترجع جذوره الى م1ذهب الخوارج ) ، فمذهب الغلو فى التكفير واستحلال الدماء المحرمة اذا هو احد صيغ مذهب التفسير السياسي للدين ،لا يفترق عنه الا فى علانية التكفيرغيرالمنضيط بالضوابط الشرعية، والوصول به إلى نهايته المنطقية (استحلال الدماء المحرمة).
تكفير سيد قطب لكل المجتمعات المسلمة المعاصرة : وإحياء سيد قطب لهذا المذهب البدعى يتمثل في تكفيره لكل المجتمعات المسلمة المعاصرة في مرحلته الفكرية الاخيره : يقول سيد قطب (ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الإنسان ،ونكصت عن لا إله إلا الله ،وإن ظلّ فريق منها يردد على المآذن: "لا إله إلا الله") (في ظلال القرآن ص2009 ط. دار الشروق الشرعية )،ويقول (البشرية عادت إلى الجاهلية ،وارتدت عن لا إله إلا الله، فأعطت لهؤلاء العباد [الذين شرعوا السياسة والنظام والتقاليد والعادات والأزياء والأعياد] خصائص الألوهية، ولم تَعْد تُوحِّد الله وتخلص له الولاء، البشرية بجملتها بما فيها أولئك الذين يردّدون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها لا إله إلا الله بلا مدلول ولا واقع، وهؤلاء أثقل إثماً وأشد عذاباً يوم القيامة لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد من بعد ما تبين لهم الهدى، ومن بعد أن كانوا في دين الله)( الظلال ص1057 ط. دار الشروق)،ويقول (إنه ليست على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي) ( الظلال ص2122 ط. دار الشروق )، ويقول عن رواية غير مسندة لخطبة المنصور العباسي في القرن الثاني: (وبذلك خرجت سياسة الحكم نهائياً من دائرة الإسلام وتعاليمه) (العدالة الاجتماعية ص168 ط. دار الشروق )، ويصف الذين زعم أن عثمان (رضي الله عنه) آثرهم بالعطاء من الصحابة والتابعين في القرن الأول: (وتنحل نفوس الذين لبسوا الإسلام رداءً ولم تخالط بشاشته قلوبهم) ( العدالة ص161 ط. دار الشروق )،ويقول (يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم أنها مسلمة، لا لأنها تعتقد بألوهية أحد غير الله ولا لأنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله.. [بل] لأنها لا تدين بالعبودية لله في نظام حياتها) (معالم في الطريق ص101 ط. دار الشروق )،ويقول عن منهج ما اسماه حركات البعث الإسلامي فيوصيها ب (أن تتبين أن وجود الإسلام قد توقّف [منذ فترة طويلة]، فتسير بذلك على صراط الله وهداه) وتحذيرها من: (أن تظنّ لحظة واحدة أن الإسلام قائم وأن الذي يدعون الإسلام ويتسمّون بأسماء المسلمين هم فعلاً مسلمون؛ فتسير وراء سراب كاذب تلوح ليها فيه عمائم تحرّف الكَلِم عن مواضعه وترفع راية الإسلام على مساجد الضّرَار) (العدالة ص185 و216 ط. دار الشروق ).
رد على أقوال أنصار سيد قطب : وقد قال بعض أنصار سيد قطب انه كفر المجتمعات ولم يكفر الأفراد ،ولكن تكفير المجتمع (الكل ) يلزم منه تكفير الفرد (الجزء) ، كما قال البعض أن تكفير سيد قطب للمجتمعات دون الأفراد هو تطبيق لقاعدة (التكفير على العموم أما المعين فيتوقف تكفيره على استيفاء الشروط وانتفاء الموانع) التى قررها أهل السنة ، وهو غير صحيح لان العموم في هذه القاعدة المذهب أو القول المعين الثابت كفره وليس المجتمع كله ،فالمقصود بالفاعده جواز جواز القول بان المذهب المعين أو القول المعين هو كفر، أما الشخص المعين الذي ينسب اليه هذا القول او ينتسب الى هذا المذهب فلا يجوز القول بكفره إلا بعد استيفائه شروط التكفير وانتفاء موانعه عنه.
القول بسقوط التكاليف الجماعية :وقد رتب سيد قطب على تكفيره للمجتمع القول بسقوط التكاليف الجماعية كصلاة الجماعة يقول علي عشماوي في كتابه ( التاريخ السري للإخوان المسلمين ) وهو يصف زيارته لسيد قطب ومقابلته له ( وجاء وقت صلاة الجمعة ، فقلت لسيد قطب دعنا نقم ونصلي ،وكانت المفاجأة أن علمت ــ ولأول مرة ــ أنه لا يصلي الجمعة ؟؟ ، وقال إنه يرى أن صلاة الجمعة تسقط إذا سقطت الخلافة ، وأنه لا جمعة إلا بخلافة )( ص112)
مخالفه الإمام المؤسس في مفهومي التكفير والقتال : وهذا الإطلاق البدعى لمفهومي التكفير والقتال عند سيد قطب يخالف موقف الإمام المؤسس حسن البنا، القائم على الضبط الشرعى للمفهومين ، حيث يتضح التزامه بالضبط الشرعي للمفهوم الأول في قوله فى رسالة التعاليم ( لا نكفر مسلما أقر بالشهادتين وعمل بمقتضاهما وأدى الفرائض – برأي أو معصية – إلا ان أقر بكلمة الكفر ، أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة ، أو كذب صريح القرآن ، أو فسره على وجه لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحال ، أو عمل عملا لا يحتمل تأويلا غير الكفر ) . كما يتضح التزامه بالضبط الشرعي لمفهوم القتال فى نقده لكثير من ممارسات “النظام الخاص ” الذي أنشاه بهدف محاربه الاستعمار ، الا انه انحرف عن غايته،وقام بسلسلة من الاعمال الارهابيه والاغتيالات السياسية التي تضمنت قتل القاضي أحمد بك الخازن دار في 22 مارس 1948م، ثم قتل رئيس الوزارة محمود فهمي النقراشي في 21/ديسمبر/1948م ،حيث يقول فى مقال بعنوان [بيان للناس] ( لقد كان هدف دعوتنا حين نشأت، العمل لخير الوطن وإعزاز الدين، ومقاومة دعوات الإلحاد والإباحية، والخروج على أحكام الإسلام وفضائله، تلك الدعوات التي دوي بوقها وراجت سوقها في تلك الأيام. وإذا كان ذلك كذلك، فما كانت الجريمة ولا الإرهاب ولا العنف من وسائلها، لأنها تأخذ عن الإسلام وتنهج نهجه وتلتزم حدوده.ووسيلة الإسلام في الدعوة مسجلة في كتاب الله؛ قال تعالى في سورة النحل الآية :125 "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة"...) وبعد يومين من صدور “بيان للناس” قبض على أحد أفراد النظام الخاص ، واسمه شفيق أنس وهو يحاول نسف محكمة استئناف مصر ،وكان التخطيط والأمر بالتنفيذ هذه المرة من سيد فايز المسئول عن النظام الخاص وقتها …فكتب الامام بيان ثان تبرأ فيه ممن قاموا بهذا الفعل عنوانه [ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين]. قال فيهSadوقع هذا الحادث الجديد، حادث محاولة نسف مكتب سعادة النائب العام، وذكرت الجرائد أن مرتكبه كان من الإخوان المسلمين…. فشعرت بأن من الواجب أن أعلن أن مرتكب هذا الجرم الفظيع وأمثاله من الجرائم لا يمكن أن يكون من الإخوان ولا من المسلمين ...).
دعاه لا قضاه والرد على التكفير عند سيد قطب: دعاه لا قضاه هو كتاب وقد أصدر حسن الهضيبي المرشد العام للإخوان المسلمين حينها،كتاب (دعاه لا قضاه) وهو عبارة عن بحوث يرد بها على الأفكار التي تتهم المجتمعات المسلمة بالجاهلية والكفر عند أبو الأعلى المودودي وسيد قطب، واهم ما جاء في هذا الكتاب: أ- إن حكم الناطق بالشهادتين " أن نعتبره مسلماً تجري عليه أحكام المسلمين، وليس لنا في مدى صدق شهادته، إذ أن ذلك أمر لا سبيل للكشف عنه والتثبت فيه". ب - يعتبر الهضيبي " أن حكم الله أن يعتبر الشخص مسلماً في اللحظة ذاتها التي ينطق فيها بالشهادتين. ولا يشترط أن تكون أعمال الشخص مصدقة لشهادته حتى يحكم إسلامه. وانه في حال نطقه بالشهادتين يلزمنا اعتباره مسلماً ويحرم علينا دمه وماله.." ويضيف: " أن من تعدى ذلك إلى القول بفساد عقيدة الناس ما يخرجهم من الإسلام، قلنا له إنك أنت الذي خرجت عن حكم .الله بحكمك هذا الذي حكمت به على عموم الناس".ج - وحول شيوع المعاصي; كدليل على أن المجتمع الحالي جاهلي وكافر يقول الهضيبي:"... ليست المعالنة بالمعاصي وشيوعها، وليست الظواهر العامة التي ركن إليها دعاة التكفير مما يجيز لهم شرعاً أن يصدروا حكماً على عموم الناس بخروجهم من الإسلام إلى الكفر أو بعدم دخولهم في الإسلام أصلاً رغم النطق بالشهادتين"د -وحول مصطلح الحاكمية يقول:"... انه لم يرد بأية آية من الذكر الحكيم ولا في أي حديث، والغالبية التي تنطق بالمصطلح وهي لا تكاد تعرف من حقيقة مراد واضعيه إلا عبارات مبهمة سمعتها عفواً هنا وهناك أو ألقاها إليهم من لا يحسن الفهم ويجيد النقل والتعبير... وهكذا يجعل بعض الناس أساساً لمعتقدهم مصطلحاً لم يرد له نص من كتاب الله أو سنة رسوله.. أساساً من كلام بشر غير معصومين وارد عليهم الخطأ والوهم، علمهم بما قالوا في.الأغلب مبتسر ومغلوط". ه- وحول مسألة اختصاص الله بالتشريع وأن من وضع تشريعاً فقد انتزع لنفسه أحد صفات الله وجعل نفسه نداً لله تعالى خارجاً على سلطانه يقول: " إن الحكم لله وحده صاحب الأمر والنهي دون سواه. هذه عقيدتنا... لكن الله عزّ وجل قد ترك لنا كثيراً من أمور دنيانا ننظمها حسبما تهدينا إليه عقولنا في إطار مقاصد عامة وغايات حدّدها لنا سبحانه وتعالى وامرنا بتحقيقها بشرط ألاّ نحل حراماً أو نحرم حلالاً، ذلك أن الأفعال في الشريعة إما فرض أو حرام أو مباح... ولا يجوز لأحد أن يزعم أن تشريعات تنظيم المرور هي من تشريع الله عزّ وجل"- و-كما يرفض الهضيبى الحكم على الناس بالمظاهر، وخاصة فيما يتعلق بواقع حياة الناس الذين ينهجون في حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية مناهج تخالف شريعة الله فيقول: " قد يكون الكثيرون منهم عاصين لأوامر الله، ولكن من تعدى ذلك إلى القول بفساد عقيدة الناس بما أخرجهم عن الإسلام قلنا له، إنك أنت الذي خرجت على حكم الله بحكمك هذا الذي حكمت به على عموم الناس، وإن استدلالك على فساد عقيدة الناس بما يخرجهم عن الإسلام ظن لا يرقى إلى الجزم اليقين" ويضيف " أننا لا نكفرّ مسلماً بمعصية "
التكفير عند سيد قطب هو الأساس الفكري لتنظيمات الغلو في التكفير واستحلال الدماء المحرمة: وقد شكل الإطلاق البدعى لمفهوم التكفير عند سيد قطب الأساس الفكري لتنظيمات الغلو في التكفير واستحلال الدماء المحرمة، وتتضمن التنظيمات القطبيه ومثال لها التنظيمات المصريه: جماعه المسلمين ، الجماعه الاسلاميه - يستثنى منها جناح منها قام بمراجعه افكاره وتراجع عن التكفير، تنظيم الجهاد ...-كما تتضمن ما أطلق عليه خطا تنظيمات السلفية الجهادية( لأنه لا يجوز نسبه الإطلاق البدعى لمفهومي التكفير والقتال إلى السلف الصالح او الجهاد )، والتي تحاول التوفيق بين أفكار كل من سيد قطب ومحمد بن عبد الوهاب، ومثال لها تنظيم القاعدة والتنظيمات التابعة له تنظيميا أو فكريا، تنظيم الدوله الاسلاميه في العراق والشام "داعش"، وجماعه بوكو حرام ... يقول أيمن الظواهري قائد تنظيم القاعدة (وكانت المجموعة الملتفة حول سيد قطب قد قررت أن توجه ضرباتها ضد الحكومة القائمة باعتبارها نظاما معاديا للإسلام خارجا عن منهج الله رافضا للتحاكم إلى شرعه.. فلقد كانت وما زالت دعوة سيد قطب ـ إلى إخلاص التوحيد لله والتسليم الكامل لحاكمية الله ولسيادة المنهج الرباني ـ شرارة البدء في إشعال الثورة الإسلامية ضد أعداء الإسلام في الداخل والخارج، والتي ما زالت فصولها الدامية تتجدد يوما بعد يوم.. وأصبح سيد قطب نموذجا للصدق في القول وقدوة للثبات على الحق، فقد نطق بالحق في وجه الطاغية ودفع حياته ثمنا لذلك).
النصوص الواردة في التحذير من مذهب الغلو في التكفير واستحلال الدماء المحرمة:وقد وردت الكثير من الأحاديث ، التي تتنبأ بظهور مذهب الغلو في التكفير واستحلال الدماء المحرمة ، وتحذر المسلمين منه بصيغ شتى :
أولا: وصف الأحاديث لأصحاب مذهب الغلو في التكفير واستحلال الدماء المحرمة :
ا/ وصفهم بأصحاب ذو الخويصره الذي شكك في عدالة الرسول (صلى الله عليه وسلم): عن أبى سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال : بينما نحن عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو يقسم قسماً . أتاه ذو الخويصرة . وهو رجل من بنى تميم . فقال : يا رسول الله ! اعدل . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ويلك ! ومن يعدل إن لم أعدل ؟ قد خبت و خسرت إن لم أعدل . فقال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) : يا رسول الله ! ائذن لى فيه أضرب عنقه . قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) دعه . فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم . و صيامه مع صيامهم . يقرؤون القرآن . لا يجاوز تراقيهم . يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية …) (أخرجه البخاري في صحيحة : 3610 ، ومسلم في صحيحة ينحوه :1064 ) .
ب/ وصفهم بكلاب أهل النار: عن أبي أمامة (رضي الله عنه) يقول : ( شر قتلى تحت أديم السماء ، وخير قتيل من قتلوا ، كلاب أهل النار ، قد كانوا هؤلاء مسلمين فصاروا كفاراً ، قلت : يا أبا أمامة ! هذا شئ تقوله ؟ قال بل سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وسلم . (((صحيح ابن ماجه / باب في ذكر الخوارج:146)
ج/ وصفهم بأنهم ابغض خلق الله إليه :قال على (رضي الله عنه) . إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم )وصف ناساً . إني لأعرف صفتهم في هؤلاء . (يقولون الحق بألسنتهم لا يجوز هذا ، منهم . ( و أشار إلى حلقه ) من أبغض خلق الله إليه …. (أخرجه مسلم في صحيحة / كتاب الزكاة / باب التحريض على قتل الخوارج : 1066)
ثانيا: تقرير خروجهم من الدين ومرقهم من الإسلام :عن أبي ذرّ (رضي الله عنه ) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ): (إن بعدى من أمتي قوم يقرؤون القرآن . لا يجاوز حلاقيمهم . يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرّميّة . ثم لا يعودون فيه . هم شر الخلق والخليقة )(أخرجه مسلم في صحيحة /كتاب الزكاة / باب الخوارج شر الخلق والخليقة: (1067. وعن ابن عباس (رضي الله عنهما)؛ قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ( (ليقرأن القرآن ناس من أمتي يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية (. (صحيح ابن ماجة /141 /باب في ذكر الخوارج )
ثالثا:تقرير انه يخرج في عراضهم الدجال: عن ابن عمر (رضي الله عنهما )قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( ينشأ نشأ يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم . كلما خرج قرن قطع
، قال ابن عمر (رضي الله عنه) : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)ت يقول : ( كلما خرج قرن قطع ( أكثر من عشرين مرة ) حتى يخرج في عراضهم الدجال (صحيح ابن ماجة / 144)
رابعا : إيجاب قتالهم : عن علي (رضي الله عنه) قال … سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم )يقول : ( يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الاحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فان قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة ) (أخرجه البخاري في صحيحة :3611، ومسلم في صحيحة / باب التحريض على قتل الخوارج / كتاب الزكاة :1066)،و عن أبي سعيد الخدري ، وأنس بن مالك (رضي الله عنهم )، عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) قال : ( سيكون في أمتي اختلاف و فرقه ؛ قوم يحسنونَ القيلَ ، ويسيئون الفعلَ ، يقرءونَ القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين مروق السهم من الرّميّة ، لا يرجعون حتى يرتد على فُوقِهِ ؛ هم شر الخلق والخليقةِ ، طُوبى لمن قتلهم وقتلوه ، يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء ، من قاتلهم كان أولى بالله منهم )، قالوا : يا رسول الله ! ما سيماهم ؟ قال : التحليق ((صحيح أبى داود :4765).
التقاء الخوارج وأهل الغلو في الإطلاق البدعى للتكفير والقتال ومفارقتهم لمذهب أهل السنة : ويتمثل مذهب الغلو في التكفير واستحلال الدماء المحرمة في ماضي الامه في مذهب الخوارج الذي يقوم على الإطلاق البدعى للتكفير والقتال، من خلال عدم الالتزام بضوابط التكفير والقتال الشرعية. لذا ترتب على مذهب الخوارج الكثير من البدع – التي رد عليها علماء أهل السنة -كتكفير الكثير من الصحابة كعلي وعثمان (رضي الله عنهم) وكل من رضي بالتحكيم ، و تكفير مرتكب الذنوب، مع عدم التمييز في الذنوب بين الكبائر والصغائر، واعتبار مخالفيهم في الاجتهاد والمذهب كفاراً، واباحه دماء وأموال المسلمين…كما يتمثل مذهب الغلو في التكفير واستحلال الدماء المحرمة في حاضر الامه في مذهب أهل الغلو في التكفير والقتال ، الذي يلتقي مع مذهب الخوارج في الإطلاق البدعى للتكفير والقتال، ويفارق مذهب أهل السنة القائم على الضبط الشرعي للمفهومين، وقد أشار الإمام ابن تيميه إلى هذا الالتقاء بين أهل الغلو الخوارج في الإطلاق البدعى للتكفير والقتال، حيث يقول في وصف الخوارج (ولهم خاصيتان مشهورتان فارقوا بها جماعه المسلمين وأئمتهم ، احدهما خروجهم من عن السنة ، وجعلهم ما ليس بسيئة سيئة، و ما ليس بحسنه حسنه.. الفرق الثاني: في الخوارج وأهل البدع أنهم يكفرون بالذنوب والسيئات ، ويترتب على تكفيرهم بالذنوب استحلال دماء المسلمين وأموالهم، وان دار الإسلام دار حرب ودارهم هي دار إيمان ،وكذلك يقول جمهور الرافضة وجمهور المعتزلة والجهميه، وطائفة من غلاه المنتسبين إلى أهل الحديث والفقه ومتكلميهم… فينبغي على للمسلم أن يحذر من هذين الأصلين الخبيثين ،وما يتولد عنهما من بغض المسلمين وذمهم ولعنهم واستحلال دمائهم وأموالهم)( مجموع الفتاوى 19/72).
موقف علماء أهل السنة من مذهب الغلو فى التكفير واستحلال الدماء: وقد اجمع علماء أهل السنة ،على كون مذهب الغلو في التكفير واستحلال الدماء المعصومة – الذي مثله في عصرهم الخوارج – مذهب بدعي ضال ، وانه يجب قتال أصحابه في حال تطبيقهم لمذهبهم في استحلال الدماء المعصومة ، يقول الإمام ابن تيمية (َإِنَّ ْأُمَّةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى ذَمِّ الْخَوَارِجِ وَتَضْلِيلِهِمْ … ) ( الفتاوى : 28/518 ). واختلف علماء أهل السنة في تكفير أصحاب مذهب الغلو في التكفير واستحلال الدماء المعصومة – الذي مثله في عصرهم الخوارج – إلى مذهبين: المذهب الأول يقول بتكفيرهم ، والمذهب الثاني توقف عن تكفيرهم . يقول الإمام ابن تيمية (… وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي تَكْفِيرِهِمْ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَفِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا نِزَاعٌ فِي كُفْرِهِمْ .وَلِهَذَا كَانَ فِيهِمْ وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى :أَحَدُهُمَا : أَنَّهُمْ بُغَاةٌ .وَالثَّانِي : أَنَّهُمْ كُفَّارٌ كَالْمُرْتَدِّينَ ، يَجُوزُ قَتْلُهُمْ ابْتِدَاءً ، وَقَتْلُ أَسِيرِهِمْ ، وَاتِّبَاعُ مُدْبِرِهِمْ ، وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ اُسْتُتِيبَ كَالْمُرْتَدِّ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ ) ( الفتاوى : 28/518 ) .
طبيعة الخلاف بين سيد قطب والزعيم جمال عبد الناصر: اتساقا مع العرض السابق لمذهب سيد قطب نحدد فيما يلي طبيعة الخلاف بين سيد قطب وأنصاره في جماعه الاخوان المسلمين والزعيم جمال عبد الناصر :
صراع سياسي وليس صراع دينى : أول ما يجب تقريره هو ان الصراع بين سيد قطب وأنصاره في جماعه الاخوان المسلمين والزعيم جمال عبد الناصر لم يكن صراع ديني- بين مسلمين وكفار- بل صراع سياسي- مصدره خلاف حول بعض القضايا السياسية، ولكن سيد قطب وأنصاره في جماعه الاخوان المسلمين حولوه إلى صراع دينى بتكفير الزعيم جمال عبد الناصر (رحمه الله ) وكل من أيده (وهم اغلب الشعب العربي )،لان مذهب سيد قائم على تكفير المخالف وهو مذهب يخالف مذهب أهل ألسنه وترجع جذوره الى مذهب الخوارج البدعى " كما سبق ذكره " . وهذا التقرير لسياسيه الصراع مبنى على تقرير أهل السنة أن الامامه( السلطة) من فروع الدين لا أصوله( بخلاف الشيعة الذين قرروا أن الامامه من أصول الدين وبخلاف الخوارج الذين كفروا مخالفيهم). كما هو مبنى على عدم نفى القران صفه الأيمان عن الطوائف المتصارعة" وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت أحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلي أمر الله". وقد اقر عدد من الكتاب الإسلاميين بهذا الأمر يقول حسن دوح ( أن تصوير خلافنا مع عبد الناصر على انه جهاد بين جماعه مسلمين وجماعه كافرين تصوير خاطئ، والأولى أن تقول انه كان خليطا لعب الجانب العقيد فيه دورا تمثله جماعه الأخوان المسلمين والجانب الحزبي دورا أخر، ولم يخل من الجانب الشخصي)( الإرهاب المرفوض والإرهاب المفروض، بدون تاريخ، دار الاعتصام، القاهرة، ص 39). ويقول ناجح ابراهيم (أصل الخلاف بين الإخوان وعبد الناصر هو اعتقاد كل منهما أنه الأجدر والأحق بالسلطة والحكم في مصر... ولم يكن الخلاف أساسا على الدين أو الإسلام أو حرية الدعوة.ولكنه انحصر أساسا في ظن كل فريق منهما أنه الأجدر بالحكم .. جمال عبد الناصر فى فكر داعية). ويقول د.عبدا لمنعم أبو الفتوح عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين فى الحلقة الأولى من مذكراته «شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر» التي تنفرد «الشروق» بنشرها (ورغم أن نظرتي تغيرت تماما عن جمال عبد الناصر فلم تصل يوما إلى تكفيره، فقد كنت أرى أنه من الصعب أن نقول إن جمال عبد الناصر كان ضد الإسلام أو عدوا له كما كتب البعض، ومازلت أرى أن الصراع بينه وبين الإخوان كان صراعا سياسيا في الأساس بدليل أنه استعان بالعديد من رجالهم في بداية الثورة كوزراء ...)
خلاف بعد اتفاق: وتأكيدا لكون الخلاف بين سيد قطب وأنصاره في جماعه الاخوان المسلمين والزعيم جمال عبد الناصر هو صراع سياسي وليس صراع دينى انه هذا الخلاف جاء بعد اتفاق، اى انه لم يكن اختلاف مبدئي، حيث يرى المستشار الدمرداش العقالي, أحد القيادات الاخوانيه, أن جمال عبد الناصر هو نبتة إخوانية منذ الأساس، وانه بايع حسن البنا المرشد العام للحركة منذ عام1942,,وانه شكل مع آخرين الجهاز الخاص للإخوان المسلمين في الجيش. ويقول المستشار مأمون الهضيبي ان جمال عبد الناصر حلف على المصحف والسيف لمبايعة الإخوان . بينما يقول جمال عبد الناصر في 18 نوفمبر 1965 ( أنا قبل الثورة كنت على صلة بكل الحركات السياسية الموجودة في البلد، يعني مثلاً كنت اعرف الشيخ حسن البنا لكن ما كنتش عضو في الإخوان). وفى كل الأحوال ضم تنظيم الضباط الاحرار ضباطاً ينتمون فكريا الى الاخوان المسلمين ككمال الدين حسين ، كما أيد الإخوان عبد الناصر عند قيامه بالثورة، وبعد قيامه بالثورة، وكانوا أول أعوانه، بل كانوا سنده الشعبي البارز، حتى دب الخلاف بين الطرفين. وعقب الثورة أقام نادي الضباط حفلا لتكريم سيد قطب افتتح بتلاوة للقران الكريم وكان من ضمن المداخلات كلمة لعبد الناصر ووجهها لسيد قطب قائلا : " "أخي الكبير سيد والله، لن يصلوا إليك إلا على أجسادنا، جثثا هامدة، ونعاهدك باسم الله، بل نجدد عهدنا لك، على أن نكون فداءك حتى الموت" ،واستمرت العلاقة على كامل ودها بين عبد الناصر والإخوان حتى عام 1953 عندما استقال سيد قطب من وظيفته كرئيس لهيئة التحرير ( أهم منصب مدني في الحكومة المصرية في تلك الفترة ) كما سبق ذكره .
رفض لمذهب” التفسير السياسي للدين”و"الغلو فى التكفير واستحلال الدماء المحرمة" البدعيين وليس رفض للاسلام او أفكار الإمام المؤسس : كما أن هذا الخلاف – السياسي – لا ينطلق – على المستوى الفكري- من رفض الزعيم جمال عبد الناصر للإسلام وحتى لأفكار الإمام حسن البنا، مؤسس جماعه الاخوان المسلمين ، وان ساهم فيه- على المستوى الفكري – رفض الزعيم جمال عبد الناصر لأفكار مذهب” التفسير السياسي للدين”- الذي يتطرف في إثبات العلاقة بين الدين والسياسة ،إلى درجه جعل العلاقة بينهما علاقة تطابق وخلط ، وليست علاقة ارتباط ووحده – والذي هو بدعه في ذاته وفيما يلزم منه ، لأنه يتعارض مع السياسة الشرعية ومذهب أهل السنة في الامامه ، ومذهب الغلو فى التكفير و استحلال الدماء المحرمة، الذى يخالف مذهب اهل السنه فى الضبط الشرعي لمفهومي التكفير والقتال . ففي الذكرى الأولى للاستشهاد حسن البنا وقف عبد الناصر على قبره مترحما ،واستمرت الإذاعة في تلاوة القران طوال اليوم ،ووقف عبد الناصر قائلا ( كان حسن البنا يلتقي مع الجميع ليعمل الجميع في سبيل المبادئ العالية والأهداف السامية، لا في سبيل الأشخاص ولا الأفراد ولا الدنيا…وأُشهد الله أنني أعمل -إن كنت أعمل- لتنفيذ هذه المبادئ، وأفنى فيها وأجاهد في سبيلها) .
وجوب مراجعه مذهب سيد قطب فى الإطلاق البدعى لمفهومي التكفير والقتال : من العرض السابق نرى أن واجب أنصار سيد قطب هو مراجعه مذهبه الإطلاق البدعى لمفهومي التكفير والقتال الذي قال به في مرحلته الفكرية المتاخره، والذي لزم منه الكثير من الفتن في واقعنا المعاصر. وانه لا يجوز الدفاع عن هذا المذهب ، بحجه أن اى مذهب يرفع شعارات إسلاميه خير من المذاهب الالحاديه، حتى لو تضمن أخطاء ومخالفات شرعيه ،وهذا الفهم يخالف فهم أهل السنه، الذين قرروا ان مفسده إتباع اهويه المبتدعة الذين ينتمون إلى الإسلام، اشد على الملة من إتباع اهويه أهل الملل ،يقول الإمام الشوكاني في تفسيره عند قوله تعالى ( ولئن اتبعت أهواءهم ) ( .. وقد تكون مفسدة اتباع أهوية المبتدعة أشد على هذه الملة من مفسدة اتباع أهوية أهل الملل؛ فإن المبتدعة ينتمون إلى الإسلام، ويظهرون للناس أنهم ينصرون الدين ويتبعون أحسنه، وهم على العكس من ذلك، والضد لما هنالك، فلا يزالون ينقلون من يميل إ‘لى أهويتهم من بدعة إلى بدعة ..، حتى يسلخوه من الدين ويخرجوه منه، وهو يظن أنه منه في الصميم، هذا إن كان من جملة الجاهلين.وإن كان من أهل العلم والفهم..، كان في اتباعه لأهويتهم ممن أضله الله على علم، وختم على قلبه وصار نقمة على عباد الله ... لأنهم يعتقدون أنه في علمه وفهمه، لا يميل إلا إلى الحق، فيضلون بضلالة، فيكون عليه إثمه وإثم من اقتدى به إلى يوم القيامة ) [1/169 البقرة آية ( 145)].كما تقرير أنصار سيد قطب بكونه شهيد على وجه القطع واليقين يخالف مذهب أهل السنه–حتى بفرض عدم تضمن اجتهادات سيد قطب لأفكار بدعية –لان مجمل مذهب أهل السنه هو عدم جواز القول بكون فلان شهيد على وجه القطع واليقين ،فقد اختلف علماء اهل السنه حول جواز القول فلان شهيد إلى مذهبين : أولا الجواز: استنادا إلى العديد من النصوص التي أشارت إلى وصف بعض الصحابة بالشهداء ، غير هذه النصوص مقصورة على وصف من شهد له الرسول(صلى الله عليه وسلم) بالشهادة ،أو اتفقت الأمة على الشهادة له ، لذلك ترجم البخاري باب(لا يقال فلان شهيد)، ثانيا: المنع استنادا إلى العديد من النصوص التي تفيد بعدم امكانيه العلم بحال الميت كقوله صلى الله عليه وسلم (إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ. قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِىءٌ. فَقَدْ قِيلَ)(رواه مسلم .) وقوله (صلى الله عليه وسلم) ( إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة)( رواه البخاري) .. وكذلك نهى عُمَرَ بن الخطاب (رضي الله عنه) عن القول فلان شهيد ( تَقُولُونَ فِي مَغَازِيكُمْ فُلانٌ شَهِيدٌ وَمَاتَ فَلانٌ شَهِيدًا وَلَعَلَّهُ قَدْ يَكُونُ قَدْ أَوْقَرَ رَاحِلَتَهُ أَلا لا تقولوا ذَلِكُمْ وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ قُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ) . لذا قرر بعض علماء اهل السنه اباحه القول بكون فلان شهيد لكن على سبيل الظن والرجاء وليس القطع واليقين يقول الحافظ ابن حجر ( قَوْله : " بَابُ لا يُقَالُ فُلَانُ شَهِيدٌ " أَيْ عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ بِذَلِكَ إِلا إِنْ كَانَ بِالْوَحْي وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى حَدِيثِ عُمَرَ أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ " تَقُولُونَ فِي مَغَازِيكُمْ فُلانٌ شَهِيدٌ وَمَاتَ فَلانٌ شَهِيدًا وَلَعَلَّهُ قَدْ يَكُونُ قَدْ أَوْقَرَ رَاحِلَتَهُ أَلا لا تقولوا ذَلِكُمْ وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ قُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ ...فالمراد النهي عن تعيين وصف واحد بعينه بأنه شهيد بل يجوز أن يقال ذلك على طريق الإجمال )( الفتح : 7/175ـ 176 ) .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مذهب سيد قطب في الإطلاق البدعى للامامه"السلطة" والتكفير: قرا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
صوت الاشاعرة أهل السنة والجماعة ( الأشاعرة )  :: الحوار مع كل الفرق المخالفة-
انتقل الى: